الثلاثاء، فبراير 17، 2009

السودان على مُفترق طُرق..!!
* خالد ابواحمد هذه الايام تمثل فاصلة تاريخية في حياة كل سوداني وذلك بسبب ما ستسفر عنه تداعيات اصدار المحكمة الجنائية الدولية قرارها حول مذكرة اعتقال الرئيس السوداني عمر حسن أحمد البشير، بسبب اتهامات بارتكاب نظام حكمه ابادة جماعية في منطقة دارفور غربي السودان المنطقة التي تشهد نزاعاً مستمراً منذ فبراير 2003م أسفر عن مقتل 300 ألف شخص وفق الأمم المتحدة، في حين تحدثت الخرطوم عن عشرة آلاف قتيل فقط، وتشريد أكثر من مليوني سوداني. ومكمن (الفاصلة) التاريخية التي نتحدث عنها تتمثل في التهديدات المباشرة التي ستلحق ببلادنا في محيط جغرافي كله يعاني من المجاعات والحروب المستمرة والانقلابات العسكرية، وهنا مكمن الخطر الكبير الذي أكاد أراه بعيني الأثنين إذا صدقت توقعات رئيس المخابرات السودانية صلاح غوش في حديثه لأجهزة الاعلام السوداني إذ حذر من "أن متطرفين قد يستهدفون رعايا أجانب في السودان في حال صدور مذكرة التوقيف بحق البشير"، وبالتالي سيقود هذه التصرف إلى اشتباكات بين مجموعات عرقية مختلفة، مما تساهم في اندلاع حرب شاملة في بلاد أصلاً لها قابلية كبيرة في اندلاع حرب واسعة لا تبقى ولا تزر، وتوفر السلاح بكميات مهولة في كل مكان على الأرض، الامر الذي يؤثر بكل تأكيد على المنطقة كلها كما ستضرر الدول العربية والخليجية من هذه الحرب بشكل أو آخر. وفي ذات السياق كان السفير الصيني لي شنغوين في السودان قد نبه الى أن مذكرة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو-اوكامبو ستكون لها "تداعيات خطيرة" على "الاستقرار" في السودان، حيث تعتبر الصين حليفا استراتيجيا للسودان، وخصوصاً أنها تستثمر حقولاً نفطية واسعة في جنوبه، بينما يرى محللون أن المذكرة تهدد بتعطيل اتفاق السلام مع جنوب السودان الذي رعته الولايات المتحدة الامريكية في العام 2005 مكن من وضع حد لأطول حرب أهلية في إفريقيا، خلفت على مدى عقدين مليوني قتيل وأربعة ملايين نازح. وفي البدايات الأولى لتداعيات اتهام الرئيس السوداني جاءت ردود الافعال من كل مكان لكن أكثرها مؤشراً للخطر المحدق أن الاسلاميين المتشددين في باكستان والذين تقودهم (الجماعة الاسلامية) أكبر الحركات المتشددة، قد خرجت في مسيرة تضامنية مع السودان في اكتوبر من العام الماضي قالت من خلالها أن المظاهرة تأتي تأييداً للرئيس السوداني عمر البشير، ورفضاً لقرارات المحكمة الدولية، وخلال التظاهرة دعا قادة الجماعة الإسلامية الذين شاركوا بالمظاهرة في مدينة لاهور (شرقي باكستان)، شعوب العالم الإسلامي إلى الوحدة و'الجهاد' ضد أمريكا والغرب، وتداعى المئات من عناصر الجماعة الإسلامية الباكستانية إلى تظاهرة احتجاجية اشتملت على دعوات صريحة لـ 'الجهاد' ضد واشنطن. وحض قادة الجماعة المتظاهرين على بذل كل ما يمكن 'نصرةً لدولة مسلمة هي السودان يُخشى أن تُستهدف ورئيسها أمريكيًا كما حدث في العراق وأفغانستان،وقال أحد قادة الجماعة المشاركين في التظاهرة موجهًا رسالة إلى الشعب السوداني: 'أما للشعب السوداني، فالرسالة أنهم ليس وحدهم أمام هذا الطغيان، بل الأمة معهم إن شاء الله'. بينما رأى مراقبون أن قرار المحكمة الدولية إذا صدر فإنه يمثل حدثاً خطيراً بعيداً عن اللغط في أحقية القرار أو عدمه، وجوازه من الناحية القانونية او عدمه، فإن القرار ستترتب عليه مشاكل عديدة سياسية واقتصادية لدول العالم بوجه عام، وبالنسبة للدول العربية بوجه خاص. وأوضح جيراربرونييه الباحث الفرنسي في المركز الوطني للبحث العلمي المتخصص في المنطقة، الخميس 22 يناير الماضي أن "النظام في الخرطوم يعاني هشاشة كبيرة حاليا بسبب الاتهام" الذي قد يوجه إلى البشير، ولم يستبعد "انقلابا" أو هجوما يشنه متمردو حركة العدل والمساواة، وهذه النقطة في حد ذاتها يتم مناقشها حالياً عبر أجهزة الاعلام الالكترونية السوداني الواسعة الانتشار مع ما يرد من أخبار في الداخل هنا وهناك تشير إلى أن كل التوقعات تقول أن السودان مقبل على أيام صعبة تتطلب من الأشقاء والأصدقاء الوقوف صفاً واحداً من أجل منع كارثة كبيرة ستحل بالمنطقة جراء ما سيحدث. سيما وأنها المرة الأولى التي توجه فيها العدالة الدوليّة تهماً إلى رئيس دولة خلال ممارسة مهامه، وهذه السابقة التاريخيّة ستبقى مرتبطة باسم عمر البشير. ففي السابق، لاحقت العدالة الدوليّة الرئيس الصربي سلوبودان ميلوسيفيتش والرئيس الليبيري تشارلز تايلور على ما قاما به خلال توليهما مهام الرئاسة، لكن هذه الملاحقة الشخصيّة لهما تمت بعد مغادرتهما منصبيهما، الأمر الذي يرى فيه البعض استهدافاً لنظام الحكم القائم في البلاد مع سبق الاصرار والترصد. هي المرة الأولى التي توجه فيها العدالة الدوليّة تهماً إلى رئيس دولة خلال ممارسة مهامه. وهذه السابقة التاريخيّة ستبقى مرتبطة باسم عمر البشير ففي السابق، لاحقت العدالة الدوليّة الرئيس الصربي سلوبودان ميلوسيفيتش والرئيس الليبيري تشارلز تايلور على ما قاما به خلال توليهما مهام الرئاسة. لكن هذه الملاحقة الشخصيّة لهما تمت بعد مغادرتهما منصبيهما. كل التحليلات تقول أن الحدث لا يمكن ألبتة أن يمر مرورًا عادياً ذلك لأن المسألة هي تغيير رئيس دولة يبلغ عدد سكانها حوالي الـ 40 مليوناً من البشر، ودولة تبلغ مساحتها أكثر من مليون ميل مربع، ولها تاريخ ضارب في القدم يرجع إلى 20 ألف عام قبل الميلاد، ومسألة تغيير رئيس دولة بكل الوسائل تمثلاً حدثاً في التاريخ له أهميته فما بالنا ونحن تحدث عن تغيير رئيس دولة بواسطة محكمة دولية، متهماً في قضايا جنائية وليس اختلافات سياسية داخلية.فالمسألة كبيرة بكل ما تحمل الكلمة من معنى. فيا أشقاءنا و أصدقاءنا في بلاد العالم قاطبة أرفعوا آياديكم بالدعاء لتجنيب بلادنا وأمتنا ويلات الحروب الأهلية ومآسي النزوح والتشرد، فالسودان الآن أكثر حاجة لكم.. * صحفي سوداني

ليست هناك تعليقات: