الاثنين، مارس 16، 2009

يا عقلاء السودان هلموا بسرعة قبل حدوث الكارثة..!!

قرأت أمس مقالاً مُؤلماً للأخ د. زهير السراج حول الطلبة المسيحيين بجامعة الخرطوم الذي كشف عن هضم حقوقهم التي شرعتها لهم كافة الأديان السماوية و القوانين البشرية واللوائح والانظمة، بل والأعراف والتقاليد المتعارفة عليها بين بني البشر. ذكر المقال أن الطلبة المسيحيين "يجدون صعوبة بل مشقة وعوائق كبيرة فى ممارسة انشطتهم الاجتماعية والثقافية داخل الجامعة لدرجة انهم عجزوا حتى الآن ومنذ اربعة شهور مضت فى الحصول على (قاعة) لعقد اجتماعاتهم الدورية كـ(رابطة) للتفاكر فى شؤون دينهم ورابطتهم، وهى ابسط الحقوق التى كفلها لهم الدستور السودانى والقوانين السودانية بمختلف انماطها وانواعها بما فى ذلك قانون جامعة الخرطوم، وقبل ذلك كله انتماؤهم الوطنى الذى لا يشكك فيه احد، ومساهماتهم الكبيرة فى كل مجالات الحياة فى السودان، والسلوك الراقى الذى يمارسون به انشطتهم ويديرون به حياتهم الى درجة الحياء الشديد حتى لا يثيرون انتباه احد". وفي جزء آخر من المقال يقول الزميل السراج "لا اعلم (واللهِ) سببا يجعل السيد عميد كلية واجبها الاول تدريس القانون واشاعة احترام القانون، اول من ينتهك القانون ويحرم بعض طلابه وتلاميذه من حقوقهم الدستورية والقانونية، بل ويتحجج بمزاعم، اقل ما توصف به انها (زائفة)، ويتفوه بها بدون ان يرمش له جفن بينما يعلم الجميع انها زائفة وغير صحيحة..!!". وإذا تأكد حديث الاخ د. السراج فهذا مُؤشر خطير للغاية.. هذا كوم والجنائية الدولية كوم آخر..!!. هذا المؤشر يشير إلى مرحلة جديدة تدخلها بلادنا قد نفقد فيها علاقتنا الجميلة التي ربطتنا بالمسيحيين عامة في السودان والأقباط خاصة إذ أن أهلنا المسيحيين الذين عشنا معهم عشرات السنين وتربينا في بعض بيوتهم بامدرمان حي المسالمة والركابية وودنوباوي، ونشأنا مع أبنائهم أبدا لم نشعر بأننا مسلمون وهم مسيحييون ألبتة. نعيش كل ايامنا مع بعضنا البعض أفراحاً وأتراحاً. شخصياً والدي أطال الله عمره عمل بمطبعة الكنيسة بحي المسالمة بامردمان قرابة الثلاثين عاماً وكان (ابونا) في الكنيسة أقرب إلينا من الكثير وجداناً، وكان القائمون على الكنيسة يعاملون والدي العزيز معالمة أبداً لا يمكن أن أصفها بالكلمات، معاملة صادقة ليس فيها أي شعوربالرغبة في الاستقطاب للدين المسيحي، وهذا دأب كل رجال الكنيسة الذين كنت أعرفهم وكانوا يأتون بيتنا في كل المناسبات بزوجاتهم. هذه الصورة تتكرر في كل مكان في بلادنا..
لذا من هنا أدق ناقوس الخطر بقوة، وبأعلى صوت أن يتدخل العقلاء في هذه المسألة قد يعتبرها البعض (حبة) لكنها قد تتطور حتى تصبح (قبة)، فنحن في السودان كلنا نعاني بكل قبائلنا وتجمعاتنا أيما معاناة من المجموعة التي تتحكم في البلاد، فمجرد نشر المقال الذي كتبه الاخ د. زهير السراج عن هذه القضية يمكمن أن يحدث ذلك تأثيراً كبيراً على المتلقين، كما من شأنه أن يوقر الصدور ويزكي البغضاء في النفوس. أرجو أن لا نستصغر هذا الحدث فالنار من مستصغر الشرر، وأن الأشياء الصغيرة تحدث تحولات كبيرة، فمشكلة المحكمة الدولية مهما حصل بشأنها لا يمكن أن تقطع أواصر مكونات المجتمع السوداني، لكن مشكلة هضم حقوق المسيحيين من شأنها أن تقطع أقوى حبل يربطنا بأهلنا المسيحيين، و إن لم تتدخل العقول الواعية فإن الأمر قد يتطور بسرعة شديدة تفاجئنا جميعاً مع سهولة التواصل بين الناس، فأرجو صادقاً تدخل العقلاء في هذه القضية قبل أن تتلقفها أجهزة الاعلام العالمي الفضائي والشبكي الواسع الانتشار. وكان الله في عون بلادنا..