الخميس، مارس 08، 2012

بعد دعوة الرئيس للحرب..التكرار عندما لا يُعلم الحِمار..لماذا يموت شباب السودان في الحروب..؟.

خالد ابواحمد

عندما كنا صغاراً نُردد بأن التكرار يُعلم الحِمار، وكنا بالفعل نرى ذلك عملياً إذ كان (حِمار) جدنا عليه الرحمة والمغفرة لا يحتاج لكي يدله على الطريق من وإلى المكان الذي يعيش فيه داخل ذلك الحوش الكبير، ببساطة لأنه اعتاد على سلك هذا الطريق كل يوم..

وهناك مقولة معروفة أيضاً بأن التكرار يعلم الشُطار، وهي أكثر تهذباً من الأولى، جميعنا يعرف بأن هذه العبارة في الغالب تطلق عندما لا نحسن عمل الشئ المطلوب وقد اعتدنا عمله، وهي في ذات الوقت جملة استنكارية معلومة بديهياً، والغريبة أن الحمِار الذي نشتم به البعض في ساعة غضب يتعلم من التكرار، فما بال الذين لا يتعلمون من تكرار المآسي والفواجع وإراقة الدماء العزيزة..؟!.

لا أدري لماذا تذكرت مقولة التكرار يُعلم (....) عندما شاهدت الرئيس عمر البشير وهو يأمر بفتح معسكرات الدفاع الشعبى فى كل ولايات البلاد لمواجهة ما سماه دحر التمرد فى كاودا، وبدأت العبارة هذه تتردّد في مخيلتي، فإن تكرار خوض الحروب أياً كانت وجهتها يفترض أن نكون قد تعلمنا منها ما يفيد مسيرتنا التنموية، ولا سيما وأن تجربة الانفصال تمثل أكبر محفز في عمل جرد الحساب بمعرفة مكامن الربح والخسارة بالنسبة للحروب التي خضناها وهذه مسألة من الأبجديات بالنسبة لبلد مر بكل هذه التجارب العنيفة في الحكم.

بطبيعة الحال أن كل السودانيين الذين شاهدوا خطاب عمر البشير وحديثه عن الحرب وبذل الأرواح فيها قد استاءوا بل امتعضوا شديداً بإستثناء عضوية الحزب الحاكم وبشكل خاص تجار الحرب منهم، والذين تهمهم مصالحهم الشخصية والمغانم التي تنتظرهم بعد موت المقاتلين المغرر بهم والصرف على أعراس (الشهداء) وإمتلاء المستشفيات والمستوصفات (الخاصة) بالجرحى وتسفير المئات منهم لمستشفيات الأردن، والزواج من نساء (الشهداء)..!!.

وبما أننا تحدثنا عن التكرار والحِمار والشطار أعيد في هذا المقال حديث وجهته للرئيس عمر البشير في يوم 23 نوفمبر من العام 2007م عندما هدّد بشن الحرب من جديد على الجنوب..وأشرت إلى أن الرئيس لم يستفيد من تجربة الحرب التي خضناها جميعا كسودانيين من الجانبين وسوادنا الأعظم تأسف على الدماء العزيزة الغالية التي أريقت في تلك الأرض، والصحفيين والاعلاميين الذين كانوا هناك على أرض المعارك، أو على صلة بالحرب أكثرنا ألماً وتجرعاً للذنب لأننا رأينا بأم أعيننا الأنفس التي رحلت والدماء التي سالت والأشلاء الممزقة التي انتشرت في الأرض وأكلها الدود، وأكثرنا عاش اللحظات القاسية والمؤلمة التي انحفرت في وجداننا مدى الحياة تظل تألمنا وتأخذ منا الكثير لأننا كنا شهوداً على تلك المآسي الانسانية.

كنت على صلة بالحرب في جنوب السودان ثم جاءت فترة كنت صديقاً لعدد من أسر (الشهداء) في عدد من مدن السودان وفي كل مدينة من البلاد لنا فيها ذكرى مع شهيد أو علاقة مع أسرة شهيد أو أسرة شهيدين من بيت واحد وعشت آلام هذه الأسر، وقد ارتبطتنا للبعض منهم بذكرى أبناءهم، فلإن الآلام والإحساس بالفجيعة ليس بعده ألم ومرارة فالكثير من الأسر فارقت الاحساس بالسعادة، خاصة أن هناك أسراً لم تبلغ حتى هذه اللحظة بحقيقة ما حدث لإبنها، وهناك القتلى المجهولين الذين لا أحد يعرف لهم مكان، فالذي يديه في النار ليس كمن يده في الماء..!!.

حروب الإبادة الجماعية..!!

لا أذيع سراً إن قلت أن الجيش وقوات الدفاع الشعبي في جنوب السودان في فترة من الفترات تعرُضوا لأبشع أنواع الإبادة الجماعية في حرب غير متكافئة، الأمر الذي جعل عدد كبير من (المجاهدين) المتمرسين يفكروا بشكل جاد في إنشاء ما عُرف بـ(القوات الخاصة للدفاع الشعبي) وقد نجحوا في هذا المسعى وقاموا بدور كبير في تغيير استراتيجية و طبيعة الحرب التي تخوضها الحكومة ضد الجنوبيين، وجاءت فكرة انشاء هذه القوات بعد الفشل المستمر والمتكرر للحملات العسكرية التي تخوضها الحكومة وراح ضحيتها الآلاف من جنودها حيث كان يزج بهم في هذه المحارق.

يعرف قادة الجيش السوداني في هيئة الاركان في الفترة من 1993-1996م أن أعداداً هائلة من الكتائب العسكرية قد أُبيدت على بكرة أبيها لعد الخبرة تارةً وللخوف تارة أخرى، أو لهروب الضباط الكبار، وبسبب ذلك استند (المجاهدون) في تأسيسهم للقوات الخاصة على أن الحكومة تحارب بأعداد كبيرة تفوق الثلاثة آلاف عسكري تدخل بهم في معارك خاسرة يًقابلها في الجانب الآخر جنوداً لا يتعدوا الـ 60 شخصاً وأحياناً أكثر أو أقل، برغم فارق العدد والعتاد نسبة لأن جنود الحركة الشعبية يحاربون على أرضهم وهم الأدرى بطبيعة الأرض وبيئتها.

لذا أقول أن حديث (الرئيس) عمر (البشير) في امكانية العودة للحرب كالعادة لم يتم بدراسة ولا تفكير وقد تعود الرئيس الذي دائما ما (تشيلة الهاشمية) التحدث بدون وعي وإدراك لعواقب ما يقول، ويدفع الشعب السوداني كله أخطاءه التي تترتب عليها دماء غالية ستهدر كما هدرت من قبل في الجنوب وفي دارفور وفي شرق السودان، فلماذا لم يعي هذا (الرئيس) خطورة اقواله وأفعاله؟.. وإلى متى هذا التخبط والشطط، وكلنا في السودان نعلم بأن حرب دارفور ما كان لها أن تدور رحاها إلا لأن رأس الدولة قد استكبر واستعلى ورفض التفاوض مع أبناء دارفور، وأن الدماء العزيزة التي راحت في بورتسودان وجبار وأمري ما كان لها أن تهدر لولا هذا الاستكبار في مواجهة مواطنين عُزل من السلاح..!!.

لكنني أود من رئيس الجمهورية الآتي:

• أن يذهب إلى فرع العمليات العسكرية بهيئة الأركان في القيادة العامة وأن يطلع بنفسه على خسائر الجيش السوداني منذ بداية حرب دنوب السودان في عهده الى أن توقفت بفعل (الضغوط الامريكية)، وأنا مدرك تماماً ومتيقن أن الرئيس سيغير رأئه تماماً وأنه سوف لا يقول كلمة (الحرب) مرة أخرى على لسانه، وله أن يتأكد من الارقام، كم فقد الجيش السوداني من أرواح، وكم فقد من طائرات مقاتلة وملاحيها، وكم فقد من الأسلحة والعتاد الذي لا يمكن أن يخطر ببال أحد من الناس العاديين..!!.

• وأن يذهب الى منظمة الشهيد المعنية بحقوق شهداء القوات المسلحة ليتأكد بنفسه كم من إمرأة ترّملت، ومن طفل فقد والده، وكم أسرة لم تستلم حقوقها، وكم أسرة شهيد تابع للقوات المسلحة ولم تعرف مكان منظمة الشهيد حتى تنال حقها الشرعي.

• وأدعو الرئيس الى زيارة مكتبة مؤسسة الفداء للانتاج الاعلامي التي كانت ولازالت تنتج برنامج (في ساحات الفداء) وأدعوه الى تفحُص الأشرطة الخام وأن يعيش لحظات من مشاهد القتلى المنتشرين على أرض المعارك، والأشلاء الممزقة هنا وهناك،وأطلب منه مشاهدة أشرطة متحرك (هديرالحق) الذي خاض المعارض في جنوب النيل الازرق منطلقاً من منطقة عدارييل وكيف أن أفراد المتحرك قد قتلوا الأسرى مع صرخات (الله أكبر) وقد حرقوا البيوت المصنوعة من القش (القطاطي).

• وأدعو عمر البشير وهو يدعو إلى الاستعداد للحرب أن يجتمع مع جرحى القوات المسلحة ويستمع منهم شخصياً لمعاناتهم وأهليهم، وخاصة من ضحايا الألغام الأرضية.د الذين أصبحوا يمثلوا شريحة كبيرة من المجتمع وفي كل الولايات.

• وكما أدعو الرئيس أن يذهب الى الجامعات السودانية ويستفسر عن أعداد الطلاب الذين خرجُوا من الجامعات إلى ميادين القتال ولم يعودوا إليها وكانوا من ضم الذين فقدتهم البلاد في الحرب اللعينة.

• وأطلب من الرئيس أن يذهب إلى قيادة قاعدة الخرطوم الجوية ويستفسر عن كمية الأخشاب التي كانت تأتي من الجنوب على طائرات الجيش لتباع في الخرطوم في حين يمنع الجرحى أحياناً من الصعود على الطائرة بسبب أنها تحمل أخشاباً للضابط زيد أو عبيد وبكميات تجارية وشخصياً أكثر من ثلاثة مرات وأنا قادم من جنوبا كنا نجلس في الطائرة على كميات كبيرة من الخشب المقطوع بعناية فائقة ومُعد للبيع في أسواق الخرطوم ولأجل ذلك شهدت العاصمة في فترة من الفترات انتعاش سوق السراير والكراسي الخشبية الملونة، وكان الخشب الخام يأتي في طائرات الجرحي والمعوقين، وهذا ليس خافياً على أحد وكانت تتم هذه المسألة (عينك يا تاجر)..!!!!!.

• وأطلب من الرئيس أن يجتمع بقادة السلاح الطبي في أمدرمان ويطلع على أعداد الجرحى الذين عالجهم من بداية الحرب حتى تاريخ أيقافها،، وأقول له "ذاكرتنا قوبة جداً فلا زلت اتذكر أنه في العامين 1995و 1996م صدرت الأوامر بإخلاء كل من مستشفيات السلاح الطبي بجوبا وأمدرمان والابيض وبورتسودان لجرحى العمليات الذين فاقت أعدادهم كل حروب السودان منذ قيامه إلى اليوم، بل حتى المستشفيات الخاصة في امدرمان استقبلت الجرحي مثل مستشفى (النيل الازرق) و(الملازمين) و،،،و،،،و،،؟؟!!.

وأقول للرئيس بأي روح تستعد للحرب..؟ وبأي حقائق تذهب للقتال.. وبأي خطط عسكرية وأهداف استراتيجية..؟، ان قرار الحرب والسلم لا بد أن تتخذ بدراسة وافية من كل الجوانب وليس العسكرية فحسب، فالأرواح التي تخوض الحرب لها أسر ومجتمع يحتاج إليها، فالحرب ليس شهوة ولا نزوة شخصية الحرب دمار وقتل وفناء.

حقائق لا بد منها..

العسكريون يعرفون تماماً بأن قرار الحرب يحتاج لدراسة وافية تجاوب على كل الأسئلة المتمثلة في الآتي:

* ما هو حجم التسليح للجيش..؟؟

* وما هو حجم التسليح للعدو المزعوم...؟؟

* ما هي نفسيات ومعنويات الجيش..؟؟؟

* وما هي نفسيات ومعنويات جيش العدو المزعوم...؟؟؟.

* ما هو الوضع الغذائي والتمويني في الداخل...؟؟.

* وماهو موقف الجبهة الداخلية..متوحدة أم منقسمة على نفسها..؟؟.

فإذا تجاوزنا العدة والعتاد والمعنويات للجيش (إذا كان للحكومة جيش) فهل الجبهة الداخلية مُتوحدة..؟؟؟!!.

هذا هو مربط الفرس نعلم جميعاً بأن الشعب السوداني اليوم غاضب على النظام الحاكم بشدة، وخاصة في عاصمة البلاد الخرطوم فإن الجامعات تقلي بالرفض لممارسات جهاز الأمن في اقتحام داخليات الطلبة والطالبات، وأن السجون والمعتقلات تكتظ بالمعتقلين، وأن الغلاء الفاحش قد ضرب الناس في مقتل، وأن قيادات النظام لا زالوا يستفزُون الناس ويستهترون بهم، ولا زالت عصابات الأمن بكل أنواعها السياسية والاعلامية والاقتصادية والالكترونية تهجم على الناس وتصادر ممتلكاتهم وحرياتهم وتهين كرامتهم لأبعد الحدود.

الجميع يعرف بأن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في غاية السوء ولا يشعر بالحياة إلا مؤيدي الحزب الحاكم من المرتزقة وآكلي قوت الشعب، ولا أستبعد ألبتة أن الحرب إذا اشتعلت ستشتعل أيضاً داخل الخرطوم، ولا سيما أن النظام يحارب بأبناء الأطراف الذين لم يجدوا إلا أن يعملوا في الأجهزة الشرطية والأمنية حتى يوفروا لأنفسهم لقمة العيش، ولأول مرة يدخل النظام في حرب معتمداً على قبيلتين فقط أوثلاثة لا أكثر ذلك لأنه قد أساء التعامل مع كل مُكونات السودان من أبناء دارفور والشرق والشمال والنيل الأزرق، ولا زال الكثير من أبناء دارفور وبالعشرات داخل سجون النظام، وشعب الجنوب وقد انفصل وشعب جبال النوبة الذي كان يمثل القوة الضاربة في الجيش السوداني الآن هو في الضفة الثانية وقد عُرف بالشراسة والذود عن أرضه والذين خاضوا معارك جبال تلشي في العام 1992م يدركون جيداً هذه الحقيقة..!!.

هذه المرة تفتقد الحرب أبناء الشمال من أمري وكجبار، الذين قُتّلوا بدم بارد لأنهم طالبوا بحقوقهم المشروعة، كذلك يفتقد النظام هذه المرة في الحرب أبناء المناصير الذين كان أغلبيتهم من المؤتمر الوطني والحركة (الاسلامية) وكذلك يفتقد النظام هذه المرة أبناء النيل الأزرق وجنوبه، وهم الآن يخوضون حرباً شرسة ضد المؤتمر (الوطني) وعصاباته ومرتزقته، وقد أجريت بعض الاتصالات مع بعض الأخوة في السودان واتضح ليّ أن جل الذين أعرفهم من الذين كانوا في جبهات القتال سابقاً ومن القوات الخاصة للدفاع الشعبي (من عضوية الحزب الحاكم) لا وجود لهم الآن في هذا المشهد، وقد أراد الرئيس البشير لأبناء وشباب وطلاب ما تبقى من جمهورية السودان أن يحاربوا حفاظاً على مُلكه العضوض لينعم آل حسن البشير بالمغانم، وكذلك آل الجاز وآل عثمان محمد طه وغيرهم.

قال لي أحد الذين أتصلت بهم:

"لا أقول لك أن الحكومة تحارب بأبناء مروي وما جاورها، وأبناء جنوب وشمال شندي وقليل من أبناء كردفان وقليل من أبناء دارفور الذين صرفت عليهم الحكومة واغدقت عليهم بالمال والممتلكات، لكن مثل الذي حدث في التسعينات لا مثيل له وأن الحشد الذي حشده الدفاع الشعبي مؤخراً للرئيس عمر البشير لا يتعدى الـ 5 ألف شخص إذا تجاوزنا عدد النساء، وأن الأجهزة الأمنية والعسكرية تعيش في حالة هلع وقلق لأنهم يعرفون أن العاصمة تكتظ بالكثير من أعداءهم الذين لم تتركهم في حالهم، وأخشى ما أخشى أن تعم الفوضى في الخرطوم قبل أن تصل القوات إلى مناطق القتال لأن الجوع كافر والغبن قد فاض في الصُدور، وأن المظالم قد جعلت البعض لا يخاف وليس له ما يخاف عليه".

نعم أدرك أن حديث صديقي هو الصورة بعينها لأن الدولة التي تسيطر عليها هذه العصابة أبداً لم تستخدم الحكمة في إرساء حالة الأمن والسلام بل العكس تماماً لم ترعى أي مصالح للمواطنين، جل همها الحفاظ على كرسي الحُكم، لكن أن يموت الشباب كله لا يهم في شئ، وإلا ما كانت حرب دارفور ولا الـ 300 ألف الذين قتلوا وأحرقت قراهم وأبيدوا لأنهم طالبوا بالحقوق المشروعة، لكن المؤلم حقاً أن الرئيس عمر البشير يتحدث عن الاسلام، هذا العقل الخِرب والقلب الأجوف لا يدرك بأن الاسلام هو دين السلام ودين المحبة ودين الصدق ودين العدل والمساواة بين الناس، الاسلام لم يقُل للحكام أقتلوا كل من طالب بحقه، ولدينا في ذلك قرآن يتلى و تراث ضخم من السيرة النبوية المطهرة..عن أي إسلام يتحدث..؟!.

المقاتلون المحترفون..!!

الواضح أن سُكان الخرطوم غالبيتهم والأطراف أيضاً ضد توجهات الحكومة السياسية والأمنية والاعلامية والاقتصادية فكيف تخوض الحكومة هذه الحرب وظهرها مكشوف بل عورتها في (السهلة)، والطلاب الذين كانوا هم الوقود الثوري والعسكري بات اليوم سوادهم الأعظم ضد النظام، أذهب أبعد من ذلك وأوضح للإخوة للقراء أمراً مهماً هو أن غالبية الذين شاركوا في كل المعارك ضد الحركة الشعبية في الجنوب في سنوات التسعينات هم اليوم بعيدين كل البُعد عن سياسات هذه العصابة، بل زادت قناعاتهم بأن هذا النظام أبعد ما يكون عن الطريق السوي.. وإليكم هذه الشهادة.

أحد المجاهدين القدامى:

لا للحرب ولا للزج بشباب وطني في أتون حرب الدين والإسلام منها براء

الاخ الأستاذ عصمت محمد أحمد المحاضر بجامعة الخرطوم أحد الأشاوس في متحركات قتالية كثيرة بجنوب السودان وقد زاملته بمتحرك عزة السودان في العام 1995م في الميل 69 طريق نمولي ونشهد له بصدق التوجه كتب مُعلقاً على دعوة الرئيس عمر البشير في صفحته على الفيس بوك قائلاً:

"بمناسبة دعوة السيد الرئيس التعبئة العامة وتكوين لواء الردع، أقول بحسباني كنت أُمني النفس أن أنال شرف الشهادة في مستهل تسعينات القرن الماضي حيث شاركت في الحرب منذ أول متحرك للدفاع الشعبي يمم شطره نحو الجنوب وذلك في كتيبة الأهوال الأولى، ثم شاركت في عدة متحركات بالاستوائية وقد جرحت من عمري قرابة العامين امضيتها بمناطق العمليات بأعالي النيل والاستوائية، أقول بالصوت العالي الجهير:لا للحرب ولا للزج بشباب وطني في أتون حرب الدين والإسلام منها براء ".

شهادة أخرى من الأخ محمد الحافظ عقب فيها على الأخ عصمت في الفيس بوك قائلاً:

"منذ البداية كنت علي يقين تام بأن حرب الجنوب سياسية أكثر من أنها دينية لذا كان ذهابي للمساهمة في تحرير همشكوريب حباً فيها لانها أرض القرآن فكانت المشاركة في لواء الفتح المبين الذي استشهد فيه مالا يقل عن 7 من الجامعة الاسلامية لوحدها وأعنقد ان ما يسمى بالتعبئة التي ينادي بها المؤتمر الوطني دعاية رخيصة لاتنطلي علي أي عاقل، واقول معك أيضاً لا لحرب لا علاقة لها بالدين ولكنها لدواعي نفعية سلطوية وأخرى قبلية بحتة".

وفي آخر هذا المقال الذي كتبته في زحمة العمل أوجه ندائي للشباب بأن لا تنخضعوا بدعوة الرئيس الذي يدافع عن سلطته وعن كرسيه وليس للإسلام أي دخل في هذه المعركة التي هي في حقيقتها عدوان سافر من حكومة المؤتمر (الوطني) الجهوية والقبلية والعنصرية ضد أبناء جبال النوبة وهم في مناطقهم يطالبون بالعدل والمواساة وبالحقوق المشروعة، فمن يُقتل من الدفاع الشعبي والجيش وجهاز الأمن وقوات الشرطة في هذه المعركة فأنه مات عصبية وعنصرية وقبلية فإن هذا النظام قتل كل أبناء السودان ومن جميع الاتجاهات.، هذه دعوة مفتوحة للشباب المتحمس لكي يكون على بيئة من أمره فإذا اختار قرار المشاركة في هذه الحرب يتحمل مسئولية هذا القرار، وليدرك أن هذه الحرب الذي يجيش لها الحزب الحاكم ما هي إلا فتنة لقتل الأبرياء في مناطقهم وهو ما يعتبر عدوان يحاسب عليه الله سبحانه وتعالى...والدين منه براء..

والله غالب على أمره لكن أكثر الناس لا يعلمون...

5 مارس 2012م