السبت، فبراير 14، 2009

الخرطوم عاصمة لثقافة البطش والكبت والتطرف الديني والقبلي

الخرطوم عاصمة لثقافة البطش والكبت والتطرف الديني والقبلي
أدري ما الحكمة من الاعلان عن إختيار(الخرطوم) السودان عاصمة للثقافة العربية 2005م, ويتساءل غيري في دهشة ممعنة في الاستغراب, من الذي إخترع هذا الإعلان..؟, ليس للسودان فحسب بل للعالم العربي قاطبة, كون المنطقة العربية تعيش في متناقضات ومفارقات عجيبة, وفي البال والخاطر أن الذين فكروا ومن ثم إخترعوا هذا الاكتشاف العظيم(عاصمة الثقافة العربية) أرادوابكل تأكييد تحريك البرك الساكنة في العواصم العربية, كما أرادوا استفزاز المثقف العربي حتى (ينهض) من واقعه ويترك عنه الدماء التي تنزف والبغضاء التي سكنت قلبه, الجروح التي أكلت اطرافه, أن يكتب بقلم مكسور بفؤاد جريح, وبجسد منهك من جراء (سياط) التعذيب التي يتعرض لها داخل (معتقلات) الانظمة العربية... نعم هؤلاء أرادوا ب(صدق) و(عفوية) لهذا المثقف المبدع العربي ان يترك عنه آلامه ويخفي آهاته وأن يهلل ويكبر ويؤكد أن (جلاده) أتاح مساحات واسعة من الحرية (الثقافية) فعليه إذا أن ينكركل مآساءه, وبقسم غليط ان يؤكد ان حاكمه يتحلى بإنسانية غير عادية..!!
هذا إذاً المقصود من عاصمة الثقافة العربية ولكن عندما نسمع عن (صنعاء) عاصمة للثقافة العربية قد نصدق ذلك فأهل اليمن أهل حكمة وهم العرب الأصل وقديما قيل ان الحكمة (يمانية), وعندما نقول ان الدوحة عاصمة لثقافة العربية يمكننا ان نصدق ذلك فالدوحة تحتضن أشهر قناة عربية واسلامية في القرية الكونية التي نعيش فيها,بل أصبحت رابع قناة فضائية في العالم محط انظار العالم وبقناة الجزيرة اصبحت الدوحة حقيقة مكان إشعاع ثقافي وأدبي واعلامي أدخلت الأمة العربية في عالم الموازنات الدولية,وتكمن المفارقة هنا ان (عاصمة )الثقافة العربية لعام 2005م أغلقت مكتب أشهر قناة عربية في العالم ,,مالنا ومال قناة الجزيرة..!!
(الخرطوم) عاصمة للثقافة العربية 2005م تشبه الي حد كبير تلك النكتة التقنية, وقد تجاوز الناس مع التطور النكات من الموضوعات الاجتماعية والسياسية والرياضية إلى نكات تقنية تلك النكتة التي سمعناها ورددناها في القرن الماضي في منتصف التسعينات أي قبل عشرة سنوات عندما سألوا الكمبيوتر عن ماهي الدولة التي ستكون الاولى على وجه الارض عام2020م فأجاب لهم الكمبيوتر ان الدولة هي السودان, فإرتسمت عليهم علامات الدهشة والاستنكار, فقاموا بإعادة السؤال مرة أخرى, فكانت الاجابة ذات الاجابة, وكرروا السؤال بصيغ متعددة, مرات ومرات فكانت الاجابة هي ذات الاجابة (السودان) الدولة الاولى على وجه الارض عام 2020م, فنظر بعضهم إلى بعض بتهكم شديد لما رأوا أن المؤشرات التي أمامهم عن السودان لا تدل على ذلك فالفساد منتشر في كل مكان, والخدمة المدنية متردية بشكل غير مألوف حتى على مستوى دول العالم الثالث, والنظام الحاكم مشغول بصناعة المؤامرات هنا وهناك, والامراض الاجتماعية حدث ولا حرج, والاعلام السوداني في أسوء ايامه, ووووو فقام أحدهم بسؤال الكمبيوتر مباشرة,, لماذا السودان...؟؟
فأجاب الكمبيوتر: بحلول عام2020م ستكون كل دول العالم قد انتقلت للعيش في كوكبي المريخ و القمر وتوزعت البشرية على كواكب أخرى,, الا دولة السودان ستبقى وحيدة على وجه الأرض...!!
هذه النكتة الموغلة في التشاؤم, والعميقة في مضمونها تشبه لحد بعيد اعلان (الخرطوم) عاصمة للثقافة العربية عام2005م وليس عام 2020م لأن عاصمة دولة تستبيح الحرمات وتقتل أبنائها بالطائرات القاذفة للهب والحمم لا يمكن ألبته الا ان تكون (عاصمة) لدولة البطش والارهاب والدمار والتعصب الديني والقبلي..وان عاصمة اشتهرت على مدى 15 عامًا متتالية بتكميم الافواه وإسكات كل من يقول (البغلة في الابريق) لا يمكن أبدًا إلا أن تكون عاصمة عربية لثقافة الديكتاتورية, لا تمثل السودان بأي حال والاحوال وانما تمثل اشخاصًا بعينهم..وأن دولة تشرد (نصف) عدد سكانها تقريبًا ما بين مهاجر ومغترب ولاجي سياسي لا يمكن ان تكون عاصمتها الا عاصمة للارهاب الحقيقي, وتمثل خطرا محدقا للمنطقة التي تربط بين العرب والافارقة وبما تمارس من عنف دموي يلقى بظلاله على البشرية جمعاء,وقد إمتلئت دول الاتحاد الاوربي بالهاربين من ابناء دارفور هاربين من جحيم الحملات العسكرية الطائرة والزاحفة,كما إزدادت جموع الذين يتقدمون للهجرة الي أمريكا وكندا وأستراليا,, هكذا دولة لا يمكن ان تكون عاصمتها مكانا للثقافة العربية التي نعرفها ..؟؟
أي شطط هذا .. واي خبل ؟؟ في الوقت الذي تحترق فيه مدن وقرى دارفور بنيران المدافع والطائرات يتم الاعلان عن (الخرطوم) عاصمة للثقافة العربية, (الخرطوم) هذه المدينة حيث تقلع طائرات (الانتنوف) الروسية وهي محملة بأطنان الموت والدمار لقتل الاطفال والنساء والعجزة.. الخرطوم عاصمة الثقافة العربية حيث تصدر التعليمات والاوامر للعسكر بالتحرك لضرب دار فوركما كانت تضرب من قبل جنوب السودان وجبال النوبة, هذا الإعلان المستفز للثقافة العربية جعل شريحة كبيرة من أهل السودان يحسون بالكراهية والبغضاء لكل ما هو (عربي) و(اسلامي) وسبق لمجموعة من (الشيوخ) و (العلماء) بقيادة الشيخ الدكتور يوسف اللقرضاوي عندما زاوا دافور اعلنوا بعد زيارتهم (براءة) الحكومة من (دم) أبناء دارفور, ومما نسب إليها من الابادة الجماعية لاهل دافور وكأن الشيخ القرضاوي يعتقد ان (مسرح الجريمة) في انتظار مقدمه الميمون بعد أكثر من 18 شهرا على ارتكاب الافعال التي قامت بهاحكومة (الخرطوم) عاصمة الثقافة العربية, وهذه الكبوة الكبيرة للشيخ القرضاوي رغم حبنا له واعتزازنا به قد خلقت آلاما كثيرة للاهل في دار فور, كون الشيخ القرضاوي رجل (دين) ,(عالمي) كانوا ينتظرون منه (العدل ) و (القسط) الذي طالما طالب به الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل, والمنظمة الدولية الامم المتحدة ومجلس الامن,,,!!! والآن قد تعاظمت على أهل دارفور المآسي والمحن لأن (المرجعية الإسلامية) لم تنصفهم وان (العروبة) كذلك داست على حقوقهم وتجاهلت بإعلانها (الخرطوم) عاصمة للثقافة العربية الدماء العزيزة والغالية التي أريقت هناك في دارفور أرض التأريخ.
عن أي ثقافة عربية يتحدث هؤلاء ...؟؟الا ان تكون ثقافة العرب قبل الجاهلية.. ثقافة المجون وظلم الرعية والتمثيل بهم,, ومن هنا أستطيع القول بأن حكومة (الانقاذ) المستبدة تعظم (الأوهام) التي تسيمها (إنجازات) وما هي الا شعارات, ستعتبر أن إعلان الخرطوم (عاصمة الثقافة العربية) إنجاز كبير، وسترتفع أصواتها مدوية، لأنها فارغة، والإناء الفارغ أكثر جلبة من الإناء الممتلئ، كما يقول المثل الصيني، والعربة الفارغة أكثر جلبة وضجة من العربة الممتلئة كما يقول الفيلسوف الإيرلندي "برناردشو". ويذكر تضخم القوالب والألقاب مع تضاؤل القلوب وخفة الألباب بقول الشاعر العربي القديم وهو يحدث عن ملوك الطوائف.
مما يزهدني في أرض أندلس *** أسماء معتمد فيها ومعتضدِ
ألقاب مملكة في غير موضعها *** كالهر يحكي انتفاضاً صولة الأسدِ!

ليست هناك تعليقات: