الأربعاء، يونيو 10، 2009

صناعة الكذب وامتهان الشعب والتاريخ والقيم..!!

وقفت قبل ايام عند جملة قالها أحد مؤيدي الحزب الحاكم في السودان يصف فيها معارضي دارفور بانهم معارضة الفنادق.. والمغزى معروف لكل صاحب بصيرة.. ويضيف الرجل لانتقاده المعارضين "إنهم مُعارضو فنادق الخمس نجوم"، ملمحاً إلى أن كل من يعارض النظام يقف ضد إرادة الوطن، رابطاً ذلك بالاسترزاق من دول من بينها اسرائيل وأمريكا. هذه الجملة وقفت عندها ملياً تذكرت السنوات الأُولى لـ (الانقاذ) وكيف أننا كُنا نتهِم المُعارضين ونُشين صورتهم على صفحات الجرائد وفي سائر وسائل الاعلام، ونطلق عليهم (معارضة الفنادق) ونزيد على ذلك الكثير من شاكلة (الليالي الحمراء) التي كنا نزعم أن المُعارضون يعيشونها في غربتهم ومعارضتهم..!!. لكن التجربة والمعايشة والتأمل والتفكر كانت كفيلة بتصحيح هذه الصُور على الأقل لشخصي، لأناس من بني جلدتنا فقط كانوا يختلفون معنا في التوجهات وكنا نشين سمعتهم لهذا السبب ولم يكن هذا الفعل مبرراً بأي حال من الأحوال. يوماً ما.. في بداية التسعينات كُنت ضيفاً على المعارضة العسكرية في قاهرة المعز في مهمة وطنية على اثرها دخلت أوكار المعارضة هناك (القيادة الشرعية) وتعرفت على الكثير من العسكريين السودانيين من الرُتب العالية..بل دخلت بيت رأس (القايدة) آنذاك العميد الركن عبدالعزيز خالد وأكلت معه الملح والملاح في بيته الكائن بمصر الجديدة مدينة نصر، وتعرفت على زوجته السودانية الأصيلة سُعاد عبدالعاطي.. والمهمة التي كنت بصددها أكدت ليّ خطأ ما كنا نزعم في صحفنا وأجهزة إعلامنا، وأكثر ما آلمني وحز في نفسي أن الذين كنا نسئ إليهم كانوا متمسكين بالأصالة السودانية وبالاسلام أكثر منا نحن..!!. كُل أسِرة أبناء عبدالعزيز خالد ملصق عليها أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم..أدعية النوم وأدعية الصباح والمساء، وكانت رُوح البيت بيت رئيس القيادة الشرعية تُظللها الطيبة والروح التي تربينا عليها في السودان، فكانت الأخت سعاد عبدالعاطي تجمع الكثير من المعارضين وخاصة العُزاب منهم يجتمعوا نهار كل جمعة لتناول طعام الغداء من أطايب الاكل السوداني (ملاح أُم رقيقة والكِسرة والقُراصة بالدمعة). أياماً وليالي..نعم كانت صعبة بالنسبة إليّ شخصياً أن ينكشف أمري ..لكن لم أجد فيها أي فنادق خمس نجوم ولا ليالي حمراء ولا صفراء ..كما كُنا نزعم..وجدت سودانيين أُصلا..شردتهم (الانقاذ) وفعلت في أُسرهم الأفاعيل، وجدت أسراً تعرضت للكثير من المآسي حتى تخرج من السودان واللحاق بأبناءها في الخارج. وقد شهدت بيوت الأشباح الكثير من الظلامات التي وقعت على المعارضين وكانت أجهزة الاعلام المحلية والقيادات الحاكمة على أعلى مُستوى تنفي وُقوعها وتصف الآخرين بالكذب والارتزاق للأجنبي، وبعد عقدين من الزمان اعترف بها الرئيس عمر البشير على رؤوس الأشهاد.. فمن يصدقهم بعد اليوم إن نفوا وأمعنوا في النفي.. ولو تعلقوا باستار الكعبة. أخي القاري الكريم.. وقفت طويلاً عند ترديد (نغمة) مؤيدي المؤتمر الوطني للآخرين بالعمالة والارتزاق.. متأملاً ومتسائلاً في نفسي: عشرون عاماً متواصلة ولا زال الكذب مُتواصلاً..؟. عشرون عاماً مضت، وبسبب الكذب لا زال هناك من يتضرر..أشخاصاً..وأُسراً..وقبايلاً؟؟ كل انواع الضرر المادي والنفسي والمعنوي..بل أرواح عزيزة راحت في بلادنا ومن بني جلدتنا بسبب الكذب والمعلومات الكاذبة والمضللة التي تتعاطاه السلطات الرسمية مع الأصرار الشديد والتمسك بهكذا نهج يحكم زوراً وبهتاناً باسم الاسلام..والاسلام برئ..براءة الذئب من دم بني يعقوب. ومكمن الألم الذي يعتصر القلب أن القوم لا زالوا يتحدثون صباحاً ومساءً عن الاسلام الذي يقول قرآنه الكريم من لدن المولى سبحانه وتعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) الحجرات 6 صدق الله العظيم. هل تبينوا..؟. وهل ندم القوم من ظلم العقدين من السنوات العجاف التي مرت على حكم البلاد..؟!. الآية الكريمة المذكورة آنفاً من سورة (الحجرات). سورة الحجرات هي سورة مدنية تعالج بعض مظاهر التأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم: بعدم رفع الصوت فوق صوته، وعدم مناداته باسمه (محمد)، واحترام بيوت أمهات، وهي حقاً سورة الآداب الإجتماعية وقد سميّت بـ (الحجرات) لأن الله تعالى ذكر فيها حرمة بيوت النبي وهي الحجرات التي كان يسكنها أمهات المؤمنين الطاهرات رضوان الله عليهم وهذا لتربطنا بالنبي وفي هذا دلالة أيضاً على ارتباط السور الثلاثة (محمد) و(الفتح) و(الحجرات) بمحور واحد هو (محمد ) ورسالته ومضمون ما جاء به، ففي سورة محمد كان الهدف إتّباع الرسول وفي سورة الفتح مواصفات أتباعه وفي سورة الحجرات أدب التعامل مع الرسول و المجتمع، الأدب مع الشرع الاسلامي، الأدب مع النبي وأدب تلقّي الأخبار، وأدب الأخوّة بين المؤمنين، وما يتصل بالإصلاح في حال وقوع خلاف، و الآداب الإجتماعية بين المسلمين، و أدب التعامل مع الناس بشكل عام. وفي تلك الايام تعرفت بالصدفة على إحدى القيادات الختمية البارزة ومن رجال المال والاعمال الختميين المشهور بصلاحهم ..المتزوج من شقيقة أحد أعز أصحابي..حكي لي كيف أن المعلومات الكاذبة والمضللة لدى الاجهزة الأمنية والسياسية عن شخصه قد تسببت في ظلم كبير حاقه في أعماله وتجارته حيث كان يمارس تجارته من القاهرة بعد الضغوط التي مارستها على كل من لم يقف معها مؤيداً، وصارخاً بالهتاف ومن ضمن ما كذبوا في الرجل قالوا انه يدعم المعارضين في الخارج ويبذل كل جهده للانقلاب على النظام، وبسبب تلك الفرية تضرر الرجل كثيرا، فقررت الذهاب لمن في يديه السلطة لمساعدة الاخ الختمي الذي طال ما حدثني عنه صديقي..عن خلقه وأدبه وتدينه، فذهبت للمقدم حينها صلاح عبدالله (صلاح قوش) ومعي رجل الاعمال الختمي الكبير وقد وجد الفرصة لشرح مشكلته وللأمانة والتاريخ حلت مشكلة الرجل، بل وصى صلاح قوش الذي كان رئيساً وحدة العمليات الخاصة آنذاك أن أذهب به للاخ محمد أحمد عثمان رئيس الهيئة العامة للاستثمار في حينها (قريباً كان ضمن عضوية المؤتمر الشعبي لا أدري الآن أين ذهب) فتقدم رجل الاعمال بطلب قطعة أرض لإنشاء أكبر مصنع عليها للصابون من أكبر المصانع ليس في السودان فحسب بل في المنطقة، ولا أدري بعد ذلك ما جرى. لكن المهم في هذه القصة ان المعلومات الكاذبة والمضللة التي تتلقاها الجهات الرسمية أمنية وغيرها بدون تروية والتأكد من مصداقيتها تتسبب في عظائم الأمور على الكل، حتى على النظام لأنه أصبح بلا مصداقية، والمجتمع كذلك يتضرر من كِذب القيادات التي استمرأت الكذب، فأصبحت البلاد تمسى وتصبح على مشكلة جديدة لغياب المصداقية والشفافية فيما تطرح فلم يكن غريباً ألبته أن رفض البعض نتيجة التعداد السكاني لأن النظام لم يعرف له كلمة صدق على الاطلاق. وأن لغة الكذب التي يتبعها الحُكم في بلادنا تعود بنا القهقهري عشرات السنين... وكما هو معروف أن اللغة هي أخطر سلاح خصوصاً عندما توجه لعواطف الجماهير المغيبة لتصور لهم أن العقيدة أو الوطن مستهدف، وحينما يستخدموها لتنزيل نصوص تؤيدهم ويحجموا عن نصوص تدينهم وتنسف حتى أسس صلاحهم لتولي أدنى أمور الناس. وهل قامت المذاهب والاحزاب والفرق والحروب بدايةً إلا باللغة، ولكن أشد مخاطر اللغة تأتي عند تفسير النص المقدس (القرآن- الحديث الصحيح) لتمرير النص وتطويعه ليصب في صالح مستخدميها. وهل قامت (الانقاذ) إلا على لغة إثارة المشاعر..؟. وهل هناك حكومة صرفت لغةً وكلاماً أكثر من (الإنقاذ)..؟. إنها حكومة الكلام والصرف البذخي على الكِذب.. لكن أخطر الكلام هو تطويع آيات الله لأشواق القوم للتمكن من الحُكم، إذ يُركز فقهاء النظام على تفاسير طاعة السُلطان ولو فعل كل شيء مالم يمنع الناس الصلاة، لاحظوا معي يمكن للسلطان أن يقتل ويحرق وينسف ... وعلى الناس طاعته.. لماذا؟ لأنه لم يمنعهم الصلاة، في حين أن هناك آية تختصر كل الرسالات الضخمة للانبياء من معانة وتشريد وقتل للأصحاب والأهل من لدن نوح عليه السلام إلى رسولنا الأمين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أية تختصر مسيرة الأنبياء الضخمة لتقول: ( إنا أرسلنا المرسلين ليقيموا العدل بين الناس) فرسالة الرُسل هي إقامة العدالة بمعناها الشامل، هذا طبعاً مع تعريفهم بالإله الحق، نسمع من فقهاء (الإنقاذ) أحاديث السمع والطاعة للسُلطان، ولكن لا نسمع منهم أحاديث مثل ( من صلى وعليه ثوب بعشرة دنانير كان فيها ديناراً إكتسبه حراماً فلا صلاة له) .. بالتالي من هو الحاكم الذي يُطاع طالما لم يمنع الناس من الصلاة، لقد استعمر الانجليز السودان، فهل منعُوا الناس الصلاة لتأتي (الإنقاذ) بعد عدة حكومات وطنية وتتيحها لهم مليئة بالخشوع، إنهم يعلمون الظروف الموضوعية لكثير من الأحاديث ولكنهم يتفادونها ليؤسسوا دولة الكِذب والظُلم. الكذب على التاريخ..والشعب والقيم.. في شهر مايو الماضي تذكرت الحكومة واعلامها واقعة الغزو على امدرمان التي حدثت في العاشر من مايو الماضي 2008م وقد أعاد التلفزيون القومي الاسطوانة المشروخة والسمجة "امدرمان مقبرة الغزاة"و عملاء الاستعمار..والدعم الصهيوني ..وما إلى ذلك. ولأن ذاكرة التاريخ مُتقدة دوماً..لم أنس غزوة أُمدرمان الأُولى في يوم الجمعة 2 يوليو 1976م والتي سماها نظام الرئيس المغفور له جعفر نميري بـ (المرتزقة) وكان الذين على سدة الحكم في مايو 2009م هم أنفسهم الذين غاروا على أُمدرمان وكانت مقبرة لهم، وليس أُمدرمان وحدها بل العاصمة الخرطوم نفسها. كان د. غازي صلاح الدين مستشار رئيس الجمهورية الحالي يحمل رشاشاً وقد اشتبك في معركة حامية مع قوات الجيش داخل مبنى اللاسلكي بالقرب من مبنى الجوزات بالخرطوم و كان قاب قوسين أو أدنى من الموت كما ذكر لي الأخ أمين حسن عمر.. وفي مكان آخر.. كان وزير (خارجية) المؤتمر الوطني الحالي علي كرتي يحمل رشاشاً أيضاً يقاتل ويصرع..وثم فلان وفلان وفلان ..الآن على سدة الحكم يعتبرون أن غزوة امدرمان 2008م ارتزاقاً عمالة للأجنبي وللصهيونية العالمية. يا لها من مفارقات.. علي كرتي لأول مرة أسمعه يتحدث عن تلك الغزوة التي سماها (مباركة) عندما كُنا في المعسكر الخاص للقوات الخاصة التابعة للدفاع الشعبي في المكان الذي حدث فيه معركة كرري بامدرمان..تحدث كرتي عن البطولات والشُهداء والدماء العزيزة، وكيف أن أبناء الحركة (الاسلامية) قد قدموا التضحيات الجِسام، وذكر أن الشهيد عبدالإله خوجلي كان في السنة الآخيرة بكلية الطب أصر شديداً أن يشترك في المعركة..وقد فعل حتى استشهد. وكيف أن فلاناً..قدم نموذجا في التضحية والفداء.. هذه الغزوة..يوليو 1976م ..مباركة.. وغزوة امدرمان مايو 2008م عمالة للاجنبي.. والغريبة ان التوقيت كان واحداً يوم (الجمعة)..!!. برغم أن الأُولى كانت مدعُومة من ليبيا وبشكل واضح وليس مخفي..ودعمها العقيد القذافي شخصياً..!!. ما الذي جعل هذه (كراعاً)... وهذه (ِرجل)..؟!. علي كرتي شخصياً..كان يتحدث في مايو الماضي عن بطولات الجيش السودان.وكيف أنه سحق ما أسماهم (العُملاء).. غزوة أمدرمان الأُولى صنعت أدباً وثقافة استغلتها الحركة (الاسلامية ) في استقطاب الآخرين. كتب (الشهيد) حسن سليمان قصيدة المشهورة: قسمات الفجر تتهلل بندى الاسلام تتبلل والنسم الطيب يتعلل بأريج القرآن الزاكي.. يا قائد أخصلنا النية ورفعنا الراية المطوية سنروم الغرف العلوية يا حور الجنة لقياكِ. القائد أقسم لن نرجع ولغير الخالق لن نركع سنطهر وحل المستنفع ونثير النقع لعراكِ.. إلخ القصيدة.. وكتب سيد الخطيب قصيدته الذائعة الصيت: سنار موعِدُنا يا باقون جيناك يا سنار والجحفل الجرار والوابل المدرار نعدي لهم عدوا يدفعنا الايمان بالواحد الديان إلخ القصيدة.. وكُتبت في هذه الغزة (يوليو 1976م) العشرات من القصائد ونسجت القصص عن البطولة والفداء، وبذات القدر كُتبت عن غزوة امدرمان الثانية (مايو 2008م) قصائد الهجاء والقدح. لكن العجيب والغريب فعلاً ..كان موقف الشعب السوداني حيال الغزوتين.. في غزوة امدرمان الأُولى وفي تلك الجمعة (الثاني من يوليو 1976م) عندما دخلت القوات الغازية المدينة خرجت امدرمان عن بكرة أبيها تهلل وتكبر فرحة بزوال عهد الرئيس (نميري) وكنت في سن الثالثة عشر وهتفت مع الهاتفين وفرحت معهم، وكنا نقف امام منزل العم ياسين عمر الامام حيث جاءت حافلة كبيرة ومن بابها الخلفي كان يظهر احد جنود الحركة الغازية يحمل رشاشاً كبيراً..وقف يسأل عن بيت العم ياسين..وكانت الجماهير تهتف.. والنساء يُزغردن.. ذهبنا لبيوتنا وتناولنا طعام الافطار وفي منتصف اليوم وبالقرب من مسجد الأمين عبدالرحمن على شارع الوادي ظهرت من على البُعد دبابة كبيرة كنا نطلق عليها (صلاح الدين)..كانت تُطلق الرصاص في الهواء..كان عليها الرائد ابوالقاسم محمد ابراهيم وعدد من الضباط يرفعون أصابهم بعلامات النصر التي دلت على رجوع نظام نميري..فإذا بذات الجماهير.. وذات النساء اللائي كُن يزغردن.. يهللون ويكبرون فرحاً بعودة النظام من جديد. ذات المشهد بكل حذافيره قد حدث بالفعل في غزوة أمدرمان الثانية (مايو 2008م) حيث استقبلت جماهير المدينة (الغُزاة) بالتهليل والتكبير، ما أن أنجلى الموقف حتى عادت الجماهير للعبتها القديمة أن هللت وكبرت بالغازي (القديم) الحاكم الحالي. فقط الفرق الوحيد بين الغزوتين..أن الثانية التي حدثت في العاشر من مايو 2008م تم توثيقها تلفزيونياً ونقلت على عدد من الفضائيات العربية، ويظهر فيها دخول حركة العدل والمساواة لمدينة أمدرمان بسياراتهم والجماهير السودانية تهتف مستقبلة القوة العسكرية بالهتافات المعبرة عن الترحيب بهم. ذات الجماهير هللت وكبرّت وفرحت مُؤيدة للنظام.. هذه الفرحة وثقتها كاميرة تلفزيون السودان واعتبرها الاعلام الحكومي ملحمة جماهيرية..!. فضيحة سكرتير الرئيس البشير ورئيس التحرير..!!. كما ذكرت آنفاً أن القاعدة الربانية تقول أن الله سبحانه وتعالى لا يفلح عمل القوم الذي يكذبون على الناس ويحتالون عليهم. الآن تتنااقل مجالس العاصمة الخرطوم الفضيحة التي دوت داخل القصر الجمهوري و التي كان بطلها السكرتير الصحفي للرئيس عمر البشير الاستاذ محجوب فضل بدري والذي أقيل من منصه بسبب تأليفه مقابلة مزعومة مع رئيس الجمهورية ونشرتها صحيفة (الحُرة) الحديثة الإصدار وبدأت القصة عندما فكرت الصحيفة إجراء حوار صحفي مع الرئيس عمر البشير لتستهل به بدايتها في مشوار الصحافة. فاتصلت بالاخ محجوب بدري ونقلت له الرغبة ووافق مبدئياً على تلبية رغبة الصحيفة فطلب من رئيس التحرير كتابة الأسئلة على أن يقوم بالواجب. وبالفعل كتب رئيس تحرير (الحُرة) الأسئلة بعناية وقام السكرتير الصحفي لرئيس الجمهورية باستلام الأسئلة وعندما ذهب لمكتبه بالقصر الجمهوري بدأ في الإجابة على أسئلة (الحُرة) ولم يترك شاردة ولا واردة يجاوب عليها كلها دون أن يخطر الرئيس البشير بالموضوع وقام على الفور بتسليم الأسئلة وإجاباتها لرئيس تحرير صحيفة (الحُرة) الذي لم تسعة الفرحة بهذه (الخبطة) الصحفية الكُبرى. فنشرت الصحيفة (مقابلة الرئيس) المزعومة بالكامل، بعد أن أضاف عليها من خياله قصة قصة السفرية والطائر الميمون وما إلى ذلك،وكانت المسألة كلها كذب من أكاذيب النظام التي تحدثت عنها في آخر مقالي لي. أخي القارئ الكريم.. ذكرت بعض المواقف في هذا المقال من أجل التوثيق التاريخي فقط وليس من أجل أضفاء البطولات على شخصي فأنا في حل من هذه البطولات والتي إذا كنت أرغب فيها أو أعمل من أجلها لكنت الآن داخل السودان وأعيش في رقد من العيش، فإن قرار خروجي من الحركة (الاسلامية) ومن (النظام) كان قراراً شخصياً. أثق كثيراً في فطنة القارئ السوداني المتفهم أصلاً لما أكتب فله مني كل التقدير والاحترام.. 9 يونيو 2009

ليست هناك تعليقات: