السبت، فبراير 21، 2009

الإسلاميين وفقدان المرؤة.. ونخوة سيد احمد خليفة

قبل أيام أرسل لنا الاستاذ سيداحمد خليفة رسالة تقطع القلب تنادي بمساعدة الاخ صلاح عبدالله صاحب أشهر معامل للتصوير الملون في السودان حيث يقبع في السجن بسبب قضايا مالية، ولأن الرجل غير منتمي للمؤتمر الوطني وكأن الذين سجنوه يقولون له "خلي المؤتمر الشعبي ينفعك"، كان حظه العاثر أن يكون في السجن فيما من هو فاسد بالأدلة الدامغة والملفات في ديون الثراء الحرام أمثال المهندس رئيس مجموعة بنك النيلين للتنمية الصناعية الذي أكل في بطنه مئات الملايين المتلتة من حر مال الشعب السوداني ولم تمتد إليه يد العدالة لا نيابة المال العام ولا محافظ بنك السودان،ذلك لأنه قائد نافذ في (المؤتمر الوطني) الحزب الحاكم حيث يستظل هناك الفاسدين بنعِم وكرم الحزب الحاكم لم يمسسهم سوء يعيشون في رفاهية من العيش.

لكن الغربية أن تأتي هذه الدعوة من سيدأحمد خليفة ..يا الله ..كم هذه الحياة تافهة ولا تسوى جناح باعوضة، سيداحمد خليفة الذي سمته الحركة (الاسلامية ) سيداحمد (فضيحة) وفضحته ولم تراعي فيه إلا ولا ذمة، ونشرت له صوراً نالت من سمعته وأضرت به كثيراً، اليوم خليفة يدافع بل يصرخ أن هلموا يا اسلاميين لنجدة أخيكم صلاح عبدالله.. وما أدراك ما صلاح عبدالله..!!.

الأستاذ محجوب عروة كتب اليوم في عموده "أن صلاح عبدالله الذي يقبع داخل أسوار سجن أم درمان لا لسبب جناه إلا لأنه اقتحم وبادر وعمل بكل الكفاءة والإقتدار والتصميم والعزم على تطوير صناعة من أجمل الصناعات وأكثرها حاجة للعقول النيرة المتفتحة وهي صناعة التصوير الفوتغرافي ثم طباعة الأوفست بأروع ما يكون فطوّر أعمال والده ولأنشأ الاستديوهات ثم معامل التصوير الملون كأول معمل في أفريقيا وقدم لوطنه الإبداع والجمال مستفيداً من خبرة واسعة ثم علم تلقاه في أفضل المعاهد الألمانية فلم يغترب ولم يغتر ويفيد بلاداً أخرى بل أفاد وطنه وشعبه في ظروف قاسية حتى قيام أعظم صرح صناعي للتصوير الملون والطباعة وأسهم بعد الانتفاضة في طباعة الصحف بمستوى متطور كأول قطاع خاص في هذا المجال عندما كان لستة عشر عاماً محتكراً لمؤسستين حكومتين (الأيام والصحافة المايوية) والأمر الذي شجع الكثيرين من أمثالنا ليقتحم هذا المجال بعد أن فتح ومهد لنا صلاح عبدالله الطريق حتى وصلت المطابع الصحفية اليوم للعشرات".

وقال عروة أيضاً "لقد دفع صلاح عبدالله ثمن السياسات الاقتصادية المتضاربة خاصة الائتمانية والمالية والنقدية وأخيراً دفع ثمن غيره فانتهى إلى ما إنتهى إليه،صلاح الذي دفع من حر ماله للحركة الإسلامية وهي في حاجة الى القرش الواحد وفي أحلك الظروف".

لازلت أتأمل طويلاً في صرخة سيداحمد خليفة لنجدة صلاح عبدالله في الوقت الذي صمتت فيه كل أقلام الاسلاميين (وطني وشعبي) مما يحدث الآن في البلاد من تطورات إلا من رحم ربي، صمتت أقلام كانت يوماً تهز الدنيا، صمتت..و قد ارتسمت في وجوههم أحلام العودة إلى عهد الأضواء.. إلى كرسي الحكم وحياة الترف والمؤتمرات الداخلية والخارجية وحياة الاجتماعات المغلقة، إن مواقف وسلوكيات (الإسلاميين) تجاه الآخرين وحتى رفقاءهم، تؤكد أنهم قد فقدوا الأخلاق الإسلامية التي جاءوا بها للسلطة، فضلاً عن إنهم فقدوا النخوة والمرؤة، وتدل على ذلك حالة الأخ صلاح عبد الله ومن قبله حالة الأخ الفاضل محمد عبد الله جار النبي وكلاهما قد ساهم في ما وصلت إليه الحركة (الإسلامية) من تطور حتى وصلت إلى سدة الحكم، ولكن العزاء الوحيد أن الله سبحانه وتعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وهو القادر وحده على نصرة المظلومين وقد أصبح الشعب السوداني جله ضمن هؤلاء المظلومين الذين تسببت الحركة (الإسلامية) في ظلمهم حيث شردتهم وقتلتهم ومزقتهم شر ممزق، ولا يغر البعض جموع الناس التي تستقبل الرئيس عمر البشير في زياراته لولايات السودان المختلفة فإن المعايش جبارة وقد نال الفقر من أهلنا في السودان مبلغاً جعلهم يوالون النظام بأجسادهم لا بقلوبهم.. لكن لماذا يقف الإسلامييون (وطني وشعبي) هذا الموقف من قضية صلاح عبدالله وإذا افترضنا أن (إخوانه) في المؤتمر الوطني لهم عذرهم الواضح فلماذا يحسب (إخوانه) في المؤتمر الشعبي إنهم غير معنيين بمشكلته..؟؟. أتساءل هذا السؤال وانا أعلم أن عدداً كبيراً من أعضاء المؤتمر الشعبي من الكفاءات والخبرات العليا يعملون في الخارج في وظائف كبيرة ولهم مداخيل كبيرة، فبإمكانهم إقالة عثرة أخيهم المسجون في سجن أم درمان، لكن واضح أن صوت العقل الذي مثله سيد احمد خليفة كان هو الأقرب إلى حل مشكلة الرجل من صمت (الإسلاميين) المشغولين حالياً بمتابعة أخبار السودان في الخارج علهم يجدون ضوءاً في الأفق للمصالحة مع المؤتمر الوطني، وفي ظل متابعتهم هذه لا يسمعون صرخات لاجئ دارفور في معسكراتهم، ولا تلك الأصوات النائحة على إزهاق أرواح الأبرياء جراء هجمات الجنجويد وجيوش الحكومة الجرارة الزاحفة منها والطائرة والراجلة والراكبة على الحصين. وأخيراً أقول أن مشكلة صلاح عبدالله يمكن أن تُحل في أقل من يومين مهما كان المبلغ المطلوب لو كانت النفوس وفية لسنوات العمل الإسلامي الطويلة، لكن يبدو أن الوفاء أصبح عملة نادرة جداً،وفي هذا المنحى لابد من تثمين الموقف الإنساني الرائع والنبيل للأستاذ سيد احمد خليفة الذي أكد معدنه الأصيل ونخوته السودانية الحقة فله مني التحية والتجلة.

والله من وراء القصد

واللهم أغفر لنا بُعدنا عن الضعفاء والفقراء والمساكين في كل أنحاء السودان، والمظلومين في معسكرات اللجوء الذين يعانون ويقاسون مآسي الأوضاع غير الطبيعية.. اللهم في هذا الشهر الكريم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا وبارك لنا في أسماعنا وابصارنا ما أحييتنا.

19-09-2008

ليست هناك تعليقات: