الخميس، أبريل 02، 2009

أحمد سليمان المحامي..قدم للحركة الاسلامية الكثير لكنه لم يأخذ منها شيئاً

أول دخولي المنبر فوجئت بخير وفاة الاستاذ أحمد سليمان المحامي من خلال بوست للاخ حمور زيادة، أسأل الله له الرحمة والمغفرة فقد كان صاحب عطاء وافر سياسياً وفكرياً وثقافياً وأدبياً وله صولات وجولات في تاريخ السياسة السودانية بداءً من الحزب الشيوعي إلى الحركة (الاسلامية) وفي كل المواقع كان صادق في رؤاه وفي فكر وعمله وظل مثابراً حتى مماته على قول الحقيقة التي لا يخشى فيها لومة لائم. يوماً من الأيام في منتصف الثمانييات ذهبت إليه بدون موعد مع د.أبراهيم أحمد عمر في بيته وعندما طرقنا الباب فتح لنا أحد أفراد الأسرة وقلنا له نريد مقابلة الاستاذ أحمد سليمان فتعجب الرجل شديداً وتردد في إخبارنا بأن الرجل في وقت محدد من ساعات اليوم لا يقابل أحد ألبتة لأنه في حالة خلوة او قل في مدراسة القرآن الكريم المهم دلفنا إلى الداخل وفي الصالون بعد دقائق من الانتظار جاءنا الاستا> أحمد وفي وجهه علامات الاستهجان من حضورنا بدون موعد في هذا الوقت الذات الذي يخلد فيه إلى قراءة القرآن بتدبر وبحث..إلخ. وبعد أن انتهينا من غرضنا قال لنا بوجه ضاحك ومبتسم "انتو ربنا جابكم اسلاميين من صغركم لكن انا كنت بعيد، الآن أحاول أن أعوض نفسي ما فاتني أرجو أن لا تأتونا مرة آخرى في هذا الموعد بالذات".
وبالفعل ظهرت في معاملاته وكلامه وكتاباته كلها لغة القرآن الكريم وأدبه وتفاعله مع الناس، كان مُعلماً للجميع واستفادت منه الحركة الاسلامية في مسيرتها الكثير لكنه لم يأخد منها شيئاً أبداً.
لكن المؤلم والمحزن أن الفقيد كما قال الاخوة في صحيفة (الصحافة) مستود أسرار للتاريخ السياسي السوداني الحديث لكنه للأسف لم يخرج منه إلا القليل والقليل جدا مقارنة بسنوات خوضه في العمل السياسي التي امتد لأكثر من نصف قرن من الزمان. وللأسف هذا هو حال عشرات السودانيين الذي يحملون تاريخ السودان في صدورهم وإن رحلوا ‘ن الدنيا ضاع معهم الغالي والنفيس من التجارب التي يمكن ان تستفيد منها الأجيال الجديدة وفي ظني أن هذه إحدى مشاكل السودان الاستراتيجية التي نعاني منها ويتأثر بها البلد بشكل غير مباشر.
رحم الله أستاذ الأجيال أحمد سليمان المحامي رحمة واسعة وغفر له وجزاءه الله عنا وعن السودان خير الجزاء.

ليست هناك تعليقات: